الى فلسطين خذوني معكم ….
إنني أبحث عن وطن وعن هوية …

ما أروع هذه الكلمات وما أبدع هذه الشعارات … التي تلخص قضية شعب بأكمله …

بهذه الكلمات صدحت الفنانة الراحلة كوكب الشرق قبل ربع قرن تقريباً … وصدح معها فنانون آخرون كالموسيقار الراحل محمد عبد الوهاب الذي لا زلنا نردد أغانيه وقصائده الوطنية ذات الطابع التعبوي … أخي جاوز الظالمون المدى فحق الجهاد وحق الفدى … ولا ننسى الشعراء والكتاب الذين أغنوا المكتبات بقصائدهم الخالدة حين كانت الهمم بمستوى المسئولية … و كانت كل الطرق تؤدي الى فلسطين من خلال فوهة البندقية …

طريق واحد سار على جنباته من حلموا بتحرير كامل التراب الفلسطيني من رجز العصابات الصهيونية… وبذلوا في سبيل ذلك الغالي والنفيس … لم يكن ذلك الطريق سهلاً ولا ممهداً ، بل كان مليئاً بالأشواك والحفر …

واليوم وقد تعددت السبل وتشعبت الآراء ضللننا الطريق الذي يوصلنا الى فلسطين ولم يعد ذلك الطريق يمر من فوهة البندقية … فقد تم تحويله الى مدريد واوسلو وشرم الشيخ وطابا وواي ريفير وكامب ديفيد… طريق طويل مليء بالتنازلات والاتفاقيات وملحقاتها وتفسيراتها ..

وبعد طول اشتياق لمثل هذه الأغاني والقصائد الوطنية والشعارات الملتهبة بسبب غيابها في أرشيف الإذاعات والمحطات الفضائية التي أطلت علينا بأغاني ذات لحن سريع تتناسب ومتطلبات العولمة والانتشار … أغاني مسخ خرجت عن المألوف وعن آداب الذوق الرفيع …. سمعت أم كلثوم تردد هذه الأغنية من المذياع …

كنت في طريق العودة الى المنزل … وكان العدو الصهيوني يدك بطائراته المقاتلة… ويحاصر بدباباته ومجنزراته المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية في جنين ونابلس ورام الله وبيت لحم والخليل وغيرها ، ويصب جام غضبه وجبروته على أطفال ونساء هذا الوطن ويطارد بطائرات الأباتشي الشباب الصامد الذي حمل السلاح للدفاع عن تراب هذا الوطن … في الوقت الذي انتشر فيه رجال القناصة فوق أسطح المنازل لاصطياد كل شيء يتحرك على الأرض … من رجال صحافة وإعلام وأطقم إسعاف أو إطفاء…. حتى القطط والكلاب لم تسلم من رصاص الغدر والطغيان ….
كما كان جنوده يحطمون كل ما تصل إليه أيديهم من مقومات الحياة اليومية لشعبنا المرابط دون هوادة … لقد أتى الصهاينة على الأخضر واليابس وخلفوا وراء عدوانهم مئات الشهداء وآلاف الجرحى وشردوا مئات الأسر وتركوها بلا معيل ولا دليل ….

أحسست حينها بأن شيئاً عظيماً قد حدث على الساحة العربية ، لأن مثل هذه الأغاني لم تكن تذاع إلا في زمن الحرب … أو لإعلان التعبئة الشعبية والنفير العام ….

عدت بالذاكرة الى الوراء … عدت الى ذلك الزمن …. وهو ليس عنا ببعيد لأبحث عن الواقع … وأقارنه بما نحن فيه الان … فوجدت بأن الزمن هو الزمن ولكن رجالات الزمن هم من تغيروا ….

في ذلك الزمن … كانت الغيرة …. والشهامة …. والحمية … والنصرة … والكرامة … والوطنية هي المبدأ والشعار لدى زعامات الأمة وقادتها….

واليوم وقد فقد زعماؤنا مكانتهم لأنهم استبدلوا تلك العبارات ويحثوا عن شعارات تتلاءم مع الخنوع … والذل …. والمهانة … وركنوا الى الدنيا وملذاتها ….

في الوقت الذي لا زال فيه صوت أم كلثوم يردد… طريق واحد يمر من فوهة بندقية …. الى فلسطين خذوني معكم … إنني أبحث عن وطن وعن هوية …

علمت بأن شعوبنا العربية والإسلامية لا زالت تبحث عن وطن داخل الوطن … بعد أن أضحى الوطن غريباً عن ساكنيه … وأن الشعب الفلسطيني المقهور … لا زال يبحث عن وطن وعن هوية …

فهل توصلنا اتفاقيات أوسلو الهزيلة الى وطن والى هوية ….. ؟
وهل يوصلنا تينيت بمقترحاته الى وطن والى هوية … ؟
وهل توصلنا توصيات ميتشيل الى وطن ووالى هوية … ؟
وهل توصلنا زيارات ولقاءات زيني الى وطن والى هوية … ؟
وهل توصلنا وعود بوش المتذبذبة الى وطن والى هوية … ؟
وهل توصلنا تصريحات كولن باول المتناقضة … الى وطن والى هوية … ؟
وهل توصلنا المبادرات العربية البرئية التى تدعو الى التطبيع والجنح الى السلم الى وطن والى هوية … ؟

من يا ترى سيوصلنا الى وطن والى هوية …….. ؟؟؟؟؟

سؤال أوجهه الى قادة هذه الأمة وزعمائها من محيطه الى خليجه …. وإلى الشعوب العربية والإسلامية التي تعشق الحرية …

وسأنتظر الإجابة …. !!!!